الجزائرـ TSAعربي: لم يخرج المشهد السياسي في الجزائر من حالة الضبابية المفروضة عليه منذ أشهر، والتي زدت كثافتها بتحريك العدالة لملفات الفساد في حق عدد من رجال المال والسياسة في البلاد. وفي الوقت الذي يتابع فيه الجزائريون لأخبار توقيفات واستدعاءات لأبرز الشخصيات أمام قضاة التحقيق يظل هامش التشكيك في ميزان العدالة قائما أمام التعتيم الإعلامي الكبير حول نتائج التحقيقات التي باتت مطلبا شعبيا.
عدالة انتقالية
بتاريخ 10 أفريل، وجه قائد أركان الجيش الوطني الشعبي أحمد قايد صالح دعوة مباشرة للعدالة بفتح ملفات الفساد، استجابة لمطلب الحراك الشعبي الذي نادى بمحاسبة العصابة التي نهبت المال العام خلال العشرين سنة الماضية (فترة حكم بوتفليقة 99/2019)، وجاء في نص بيان قائد صالح “أشير إلى أن العدالة، وقد استرجعت كافة صلاحياتها، لتعمل بكل حرية ودون قيود ولا ضغوطات ولا إملاءات، على المتابعة القضائية لكل العصابة، التي تورطت في قضايا نهب المال العام واستعمال النفوذ لتحقيق الثراء بطرق غير شرعية. وفي هذا الصدد، نطمئن الرأي العام أن الأمر سيمتد كذلك إلى ملفات سابقة كقضايا الخليفة وسوناطراك والبوشي وغيرها من الملفات المتعلقة بالفساد، والتي تسبب أصحابها في تكبيد الخزينة العمومية خسائر فادحة”.
حديث قايد صالح عن استعادة العدالة لاستقلاليتها، فتح الباب على الكثير من التساؤلات في الشارع الجزائري، الذي يطالب بمزيد من الشفافية في تناول قضايا الفساد من حيث الإجراءات القانونية المتّخذة، والشخصيات المعنية وأيضا نتائج التحقيقات الجارية في ظل الأزمة السياسية القائمة في البلاد، والتي تجعل فرضية استعمال القضاء لتصفية الحسابات غير مستبعدة. خاصة أمام تعالي أصوات سياسيين يحذّرون من “العدالة الانتقامية في الفترة الانتقالية للبلاد”.
التلفزيون العمومي ووكالة الأنباء الجزائرية، تظلان المصدر الحصري لحد الساعة لكل الاخبار المتعلّقة بقضايا الفساد المعروضة أمام القضاء، فبعد إعلان استدعاء كل من الوزير الأول السابق أحمد أويحي، ووزير المالية، محمد لوكال، أمام قاضي التحقيق لمحكمة سيدي محمد يوم 20 و 22 أفريل، أعلن التلفزيون الرسمي يوم 23 أفريل عن توقيف فصيلة الأبحاث للدرك الوطني لكل من رئيس مدير عام مجمع سفيتال اسعد ربراب، وافراد من عائلة كونيناف المالكة لمجمع “كوجي سي”، ليليها إعلان خبر استدعاء مدير الامن الوطني السابق عبد الغاني هامل و نجله أمام نفس المحكمة اليوم الإثنين 29 أفريل. فيما تتوالى أخبار التوقيفات و الإستدعاءات على الجزائريين ساعة بعد الساعة يظل التحفظ على نتائج التحقيقات مبدأ حياد لدى القضاء رغم خصوصية الملفات المعالجة.
النيابة العامة تتبرأ
مقابل حالة التعتيم وما صاحبه من تشكيك في خلفيات تحرك القضاء في الظرف الحالي، سارعت النيابة العامة لدى مجلس قضاء الجزائر بتاريخ 25 أفريل، إلى التأكيد على استعدادها لتمكين الرأي العام من المعلومات الصحيحة في إطار الحفاظ على مبدا سرية التحقيق وقرينة البراءة”، مشيرة إلى أن خلية الإعلام لمجلس قضاء الجزائر “سوف تسهر مستقبلا، كلما دعت الضرورة لذلك، على تقديم المعلومات الصحيحة وفقا لما يسمح به القانون”.
كما حذّرت ذات الجهة من “عدم الخوض فيما يؤدي إلى تغليط الرأي العام أو التشويش على القضاة وإحباط عزائمهم في إنجاز المهام المسندة لهم وفقا للقانون. مؤكدة سلامة الإجراءات القانونية المتخذة مشيرة أن “جميع التحقيقات الابتدائية التي تم إنجازها أو لازالت في طور الإنجاز من طرف مصالح الضبطية القضائية المختصة، تتم تحت الإدارة المباشرة للسادة وكلاء الجمهورية التابعين للاختصاص وإشراف النائب العام”.
حق الرأي العام في الحقيقة
تطمينات يبدو أنها لم تقنع الكثير من الجزائريين الذين طالبوا بتحرير العدالة خلال مسيرة الجمعة العاشرة للحراك 26 أفريل، كما لم تقنع الكثير من السياسيين والمختصين القانونين على غرار المحامي مقران آيت العربي الذي أكد على “حق الشعب في الاطلاع على حقيقة نتائج التحقيقات في كل قضايا الفساد، مشيرا بان خصوصية هذه القضايا في الوقت الحالي تحتم على العدالة الشفافية أمام الراي العام “.
في السياق أكد مقران ايت العربي في تصريح لـTSAعربي، غياب الإرادة السياسية الحقيقة في مكافحة الفساد، مشيرا إلى أن المتابعات القضائية لحد الساعة لاتزال انتقائية، في الوقت الذي لابد أن تبدا فيه المتابعة من قمة هرم الفساد فنزولا و ليس العكس ، و عاد ذات المتحدث الى تصريحات الجنرال المتقاعد خالد نزار بخصوص سعيد بوتفليقة الذي وجه اليه جملة من الاتهامات الخطيرة التي تستوجب حسب مقران ايت العربي تحرك القضاء. وتؤكد فعليا استقلاليته خارج إطار الصراعات وتصفية الحسابات.
و تساءل ذات المحامي لماذا اكتفت العدالة بمتابعة بصغار الفاسدين بينما لم تمس رؤوس الفساد بما فيهم رؤساء حكومة سابقين و وزراء و قياديين في أحزاب الموالاة .. المعروفين لدى كل الجزائريين وخاصة أمام الدرك الوطني.
الجزائرـ ملفات الفساد: “من حق الشعب الاطلاع على حقيقة نتائج التحقيقات”
- روابط التحميل والمشاهدة، الروابط المباشرة للتحميل من هنا
إرسال تعليق