الجزائر – tsa عربي: تتحول أنظار ملايين الجزائريين هذه الأيام نحو المحكمة العسكرية بولاية البليدة، وسجنها العسكري، الذي أصبح حديث العام والخاص، فزنزاناته التي استقبلت سياسيين من حزب الفيس المحل قبل 30 سنة، على غرارعلي بلحاج وعباسي مدني، تستضيف هذه المرة جنرالات وشخصيات من الوزن الثقيل، بينهم سعيد بوتفليقة، والجنرال توفيق.
فلا غرابة أن تشهد المحكمة العسكرية حركية غير معهودة لم تعشها منذ سنوات، حيث تنبئ جولة في محيط المحكمة العسكرية قادتنا نهارا وليلا، بأن شيئا غير عادي يحصل داخل الأسوار المحصنة في الناحية العسكرية الأولى.
الساعة التاسعة وعشر دقائق صباحا، حركة دؤوبة في محيط الناحية العسكرية الأولى، 3 مداخل تؤدي إلى مقر الناحية أين يتواجد مكتب اللواء علي سيدان قائد الناحية العسكرية الأولى، الذي خلف الجنرال لحبيب شنتوف، المطلوب هو الآخر من العدالة العسكرية، فالكرسي الذي يجلس عليه الجنرال سيدان سبقه إليه عديد الجنرالات، بداية من محمد بن أحمد عبد الغني الذي تحول إلى رئيس لحكومة في غترة الشاذلي بن جديد، مرورا بالسعيد عبيد المٌغتال، عبد الله بلهوشات، عطايلية ثم جنوحات والسعيد باي، كلهم مروا على نفس المنصب، بأهم ناحية عسكرية في البلاد، ووراء كل قائد ناحية حكاية.
ومرورنا بمقر الناحية كان من الجهة الشرقية، أي من وسط المدينة، عبر أقدم طريق تعرفه الولاية، في حين المدخل الثاني يقع عبر الطريق السريع، أي قرب السجن المدني الجديد الذي تقبع فيه لويزة حنون، فمن الصدف أنه تم اختيار أرضية لإنجاز سجن كبير بالبليدة يقع على بعد أمتار من مقر الناحية العسكرية الأولى وقبل أقل من سنة تم تحويل النساء السجينات من سجن بوفاريك إلى سجن البليدة، والا لكانت لويزة قد تم تحويلها إلى بوفاريك لو لم يتم فتح أبواب السجن الضخم في البليدة.
دخلنا عبر الطريق القديم، وأول ما تشاهده على اليمين ثكنة المعتمدية وقبالتها ثكنة الإشارة، حيث ثبتت مصالح الدرك الوطني حاجزا أمنيا، مع تواجد 6 سيارات تويوتا، وبعد الحاجز مباشرة يقع على اليسار موقف السيارات الكبير، المخصص لمستخدمي الناحيهة وكذا للزوار، حيث وجدنا حوالي 7 أشخاص في الإنتظار يمكن أن يكونوا من أهل وعائلات العسكر المسجونين من البسطاء كما يظهر على محياهم، منهم اثنين يحملان قفة، قد تكون مؤونة وأكل موجه للمسجونين.
ومع فتح النفق والمحول قبل 3 أشهر ظهرت حركة الطريق تسير بأريحية دون كثافة للسيارات بينما حافلات نقل المسافرين المتوجهة إلى موزاية وشفة والعفرون لا تتوانى عن التوقف وإنزال العشرات من الموظفيين المدنيين الذين يدخلون إلى مقر الناحية من الباب المخصص لهم، تحت أنظار العسكر بالبدلات الرسمية الذين يعرفونهم بالوجه، فلا داعي لاظهار البطاقة المهنية، وعلى بعد أمتار يقف أفراد الجيش الوطني الشعبي بسلاحهم أمام الباب الرئسي لمقر القيادة والذي يستعمله قائد الناحية وبعض الجنرالات للدخول، ومن الصدفة أنّ مقر الناحية العسكرية الأولى ومقر السجن الجديد تفصلهما طريق فقط، أين اصطفت، كما وقفنا عليه، حوالى 7 شاحنات مكافحة الشغب مملوءة بعناصر للدرك الوطني، التي بقيت قابعة إلى حدود الساعة الواحدة زولا، توقيت تركها المكان، وربما كانت قابعة هناك خشية تنقل مناضلين ومتعاطفين مع السجينة السياسية لويزة حنون، وأما الطريق المٌودي إلى مدخل السجن المدني، ذي الأسوار العالية الملصق بها لافتات، كٌتب عليها ” ممنوع التصوير”، أين تركن مصالح الدرك الوطني 3 سيارات من نوع تويتا، تراقب المدخل الرئيسي للسجن، علما أنه لا يتم تفتيش السيارات المارة ولا توقيفها.
وقبالة السجن المدني الكبير، يقع حي “دريوش” الشعبي، المشهور بالبليدة، لا يصدق سكانه أنّ السعيد بوتفليقة والجنرالين طرطاق والتوفيق ينامون على بعد أمتار منهم داخل الزنزانات.
ومن جهة أخرى، وحسب العارفين بالمنطقة فإن الحركة غير طبيعية، سألنا عسكري في الحاجز: ” كاش ما جابو اليوم؟” فرد: “ماعلاباليش، سير في حالك من فضلك” فرفض الرد على سؤالنا ونحن داخل السيارة دون أن نركنها.
حركية غير عادية أجواء الحراسة الأمنية المشددة تٌبدي إمكانية وصول نزلاء جدد إلى المحكمة العسكرية، لكن لا أحد يمكنه التأكيد او النفي.
تركنا المكان لنعود إليه في حدود الساعة الثانية بعد الزوال، الحركية تقلصت بشكل لافت، حيث غادرت شاحنات الدرك الخاصة بمكافحة الشغب مكانها إلاّ واحدة فقط، وسيارات الدرك الرباعية تقلصت إلى إثنتين، شعرنا بتقلص حالة الإستنفار، وتلاشي الحزام الأمني الذي كان مضروبا على المنطقة.
يَستذكر المارة من أصحاب الذاكرة القوية “القاضي بخاري” الذي نطق بحكم السجن 12 سنه ضد كل من علي بلحاج وعباس مدني، ويستذكرون أيام سنوات التسعينيات عندما كان مناضلوا حزب الفيس المحل يٌنقلون بالعشرات إلى السجن العسكري، السجن الذي تنقل إليه كل من بتشين وزروال وإسماعيل من أجل التحاورمع قادة الفيس قبل الإنزلاق الأمني الذي دفعت الجزائر ثمنه باهضا.
الجزائر- السجن العسكري بالبليدة: الزنزانات التي جمعت بين المتناقضات السياسية والإيديولوجية
- روابط التحميل والمشاهدة، الروابط المباشرة للتحميل من هنا
Post a Comment