يعتبر سكان بلدية بني بوعتاب 60 كلم جنوب عاصمة الولاية الشلف ، من بين السكان الذين لا يزالون يحافظون على تقاليدهم الموروثة عن الأجداد وخاصة خلال الشهر الفضيل ،حيث لا زالت قعدة البيدر أو بما يعرف "النادر" في كل فصل الربيع والصيف وموسم حصاد وخاصة خلال شهر رمضان وما يطغى في حديثهم هو حكايات الأجداد والألغاز القديمة والإبتعاد عن مشاهدة التفزيون وقنوات الهوائيات المقعرة وهي ميزة يعرف بها سكان هذه البلدية المحافظة على تقاليدها رغم التحول الكبير للحياة اليومية لسكان هاته المنطقة والتي يزيد عددهم عن 2500 نسمة منهم 1500 نسمة بمركز البلدية و 1000 نسمة بالمجمع السكني "بنب جرتل ".
أين وقفنا ،عن جانب من السهرات الرمضانية بهذه البلدية ، وعلى على جانب من عادات وتقاليد سكان المنطقة خلال الشهر الفضيل وما يميزهم من قعدة البيدر والكرم والترحاب بالضيف مهما كان، أين يجد الزائر لهذه المنطقة نفسه محاطا بكل الرعايا والترحاب خاصة في أيام رمضان ، بالرغم من بساطة موائد الإفطارلسكان هذه المنطقة المعزولة عكس ما نجده في مناطق أخرى. و بالرغم من أن زوار المنطقة و ضيوفها قليلون جدا، كون المنطقة معزولة تماما ولا يدخلها غريب أو سائح وحتى أقارب السكان القاطنين خارج المنطقة يجدون صعوبة في التنقل الى المنطقة هذه الأيام وذلك بالنظر الى قلة وإنعدام وسائل النقل من مقر الدائرة بالكريمية الى مركز البلدية ببني بوعتاب أو منطقة بني جرتل، إلا أن السكان يجدون أنفسهم مجبرين على المحافظة على تقاليدهم وعاداتهم الموروثة أبا عن جد، وأبرزها الكرم و الجود، وفي ظل قلة ا انعدام وجود عابري السبيل ،وهو الأمر الذي يجعل العائلات تلجأ قبل الإفطار الى دعوة بعضهم بعض بحيث تلبي الدعوات بشكل تلقائي، ويجد الساكن بهذا المجمع نفسه خلال هذا الشهر كأنه غريب عن بيته خاصة وقت الإفطار وهذا نظرا للدعوات الكثيرة، بحيث تلجأ يوميا بمعدل خمس عائلات إلى دعوة كامل السكان للإفطار ولكن للرجال فقط، ويقوم هؤلاء بتلبية دعوة الإفطار الجماعي وبعد صلاة المغرب يجتمع المدعوون أمام المائدة التي أعدتها صاحبة البيت وزينتها بثلاثة أطباق ساخنة وطبقين للفواكه.
لحم المعز والحريرة أطباق تزين مائدة الإفطار للعائلات البوعتابية
أطباق الموائد الرمضانية لدى عائلات منطقتي بني جرتل وبني بوعتاب بسيطة بساطة السكان، حيث لا تتعدى الثلاث أطباق تحتوي غالبا على الحريرة أو الشربة والطبق الرئيسي يزينه قطع اللحم وغالبا يكون لحم الماعز او الصيد من الأرانب البرية او الحجل والطبق الثالث المخصص لفتح الشهية والمتكون غالبا من الخس والطماطم والبصل يضاف لهذه الأطباق طبق من الفاكهة الموسمية ،فيما تغيب عن موائد الإفطار بهذه المنطقة الحلويات الشرقية أو الزلابية كما يعرف، نظار لقلة صانعيها و إرتفاع ثمنها بالنسبة لجيوب معظم العائلات البسيطة.
تبادل النساء للزيارات بعد الإفطار
بعد الإفطار يقصد الرجال المسجد لأداء صلاة التراويح، اما النسوة فهذه العبادة محرمة عليهن في ظل انعدام وجود مكان مخصص للصلاة لهن، فتلجأ نسوة المنطقة إلى حل آخر، وهو تبادل الزيارات أو التنقل إلى بيت العائلات التي أكرمت الصائمين من الرجال بدعوتها للإفطار وهنا تلتقي النسوة ويتبادلن أطراف الحديث خاصة المتعلقة باليوميات، وهو ما يجعل الأخبار بنوعيها تنتشر بسرعة البرق، ولم تقتصر الزيارات على الحديث بل تمتد إلى إحياء المناسبات كعملية ختان الأطفال، حيث تقوم العجائز بوضع الحنة للطفل المراد تختينه وبعدها ينشطن الحفل عن طريق أغاني معروفة ومتداولة، أما الفتيا ت في سن الزواج فيستغلن المناسبة لقتل الروتين خاصة وأنهن ممنوع عليهن التنقل والتجوال في النهار إلا بسبب حاجة ملحة. واكبر ضحية خلال هذا الشهر الفضيل، هم الشباب وخاصة العاطلين عن العمل إن لم نقل كلهم، بحيث البطالة بهذه المنطقة هي سيدة الموقف، أين يجد الشباب أنفسهم مجبرين على مشاهدة التلفزيون أو التجمع بإحدى زوايا الساحة والبيدر في شكل حلقات يتبادلون فيها الحديث سواء على شكل أخبار أو الغاز،فيما بينهم، أو لعب الدومينو.
Post a Comment